في تصعيد جديد للحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، أعلنت واشنطن عن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 145% على الواردات الصينية، اعتبارًا من 9 أبريل 2025. وفي خطوة مماثلة، ردت الصين بزيادة رسومها الجمركية على السلع الأمريكية إلى 125%، مما يزيد من حدة التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم.في هذا المقال، سنتناول أسباب فرض الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، تأثيرها على الاقتصاد العالمي، وأثرها على الشركات والمستهلكين، بالإضافة إلى استراتيجيات الرد من الجانبين واحتمالات تطور الحرب التجارية في المستقبل.
بدأت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في عام 2018، عندما قامت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على مجموعة واسعة من السلع الصينية، في خطوة كانت كجزء من استراتيجية أمريكية لخفض العجز التجاري مع الصين. وادعت الحكومة الأمريكية أن الصين تمارس ممارسات تجارية غير عادلة، مثل سرقة التكنولوجيا الأمريكية، والتحايل على قواعد الملكية الفكرية، واستخدام ممارسات مثل النقل القسري للتكنولوجيا الأمريكية إلى الشركات الصينية. كما اتهمت الولايات المتحدة الصين بدعم الشركات المحلية بشكل مفرط من خلال السياسات الحكومية التي تضر بالمنافسة العادلة.
ردت الصين على تلك الإجراءات بفرض رسوم جمركية مماثلة على العديد من السلع الأمريكية، مما أدى إلى اندلاع ما يُعرف بالحرب التجارية بين البلدين. وعلى مدار السنوات التالية، تواصلت تبادل الرسوم الجمركية، حيث اتخذت كل من واشنطن وبكين خطوات متبادلة على مستويات مختلفة، شملت توسيع نطاق السلع المستهدفة بالرسوم ورفع نسب التعريفات الجمركية.
في 9 أبريل 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، حيث تم رفعها إلى 145%، في خطوة مفاجئة تعكس تصعيدًا كبيرًا في النزاع التجاري بين البلدين. وجاءت هذه الزيادة في الرسوم على خلفية ما وصفه ترامب بـ"الابتزاز" الذي تمارسه الصين ضد الولايات المتحدة، ورفض بكين التراجع عن سياساتها الجمركية الانتقامية التي فرضتها على السلع الأمريكية منذ بداية الحرب التجارية.
وأوضح ترامب أن هذه الخطوة تأتي في إطار الضغط على الصين لتغيير ممارساتها التجارية، وتحديدًا لوقف سياسات الدعم غير العادل للشركات الصينية، بالإضافة إلى معالجة قضايا سرقة الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا القسري. وأكد الرئيس الأمريكي أن هذه الإجراءات تهدف إلى تصحيح ما اعتبره خطأً فادحًا في السياسات التجارية بين البلدين، وهو ما يضر بالشركات الأمريكية والمستهلكين في الولايات المتحدة.
وقد تزامن هذا التصعيد مع تزايد المخاوف في الأسواق العالمية من تبعات هذا النزاع التجاري الممتد، والذي بدأ يؤثر على سلاسل التوريد العالمية، مما يهدد بزيادة التكاليف على المستهلكين في كلا البلدين وعلى مستوى العالم بشكل عام.
ردًا على الرسوم الأمريكية الجديدة، أعلنت الصين في 11 أبريل 2025 رفع التعرفة الجمركية على السلع الأمريكية إلى 125%، بدءًا من اليوم التالي.
التصعيد الأخير في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد أحدث تأثيرات سريعة وعميقة في الاقتصاد العالمي. فقد شهدت الأسواق المالية العالمية تقلبات كبيرة، حيث تعرضت مؤشرات الأسهم في منطقة آسيا للانخفاض الحاد، مع تراجع ملحوظ في الأسواق الصينية واليابانية. ونتيجة لذلك، تراجع اليوان الصيني بشكل ملحوظ أمام الدولار الأمريكي، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ 19 شهرًا، مما يعكس القلق بشأن تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الصيني.
من جهة أخرى، أبدت الشركات متعددة الجنسيات قلقها العميق بشأن التأثيرات المحتملة لهذه الزيادة في الرسوم على سلاسل التوريد العالمية. هناك تخوفات متزايدة من ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى زيادة الأسعار في الأسواق العالمية، وهو ما يهدد الاستقرار الاقتصادي في العديد من الدول. بالإضافة إلى ذلك، تزداد المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي على مستوى العالم نتيجة لارتفاع هذه الرسوم، التي قد تضر بحركة التجارة بين الدول وتؤدي إلى اضطرابات كبيرة في التجارة الدولية.
الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على السلع الصينية قد طالت مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية الحيوية. الرسوم الجمركية الجديدة أثرت بشكل ملحوظ على القطاعات التالية:
شهدت السيارات الكهربائية ارتفاعًا كبيرًا في الرسوم الجمركية من 25% إلى 100%، وهو ما يعكس أهمية هذا القطاع في التجارة بين البلدين. هذا الارتفاع الكبير في الرسوم قد يؤثر سلبًا على صناعة السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، التي تعتمد على المكونات الصينية بشكل كبير.
تم رفع الرسوم الجمركية على الخلايا الشمسية من 25% إلى 50%. وهذا التغيير قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الطاقة الشمسية، مما قد يؤثر على أهداف الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة ويزيد من تكاليف الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
شهدت صناعة أشباه الموصلات زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية، حيث ارتفعت من 25% إلى 50%. تعتبر هذه الزيادة مشكلة كبيرة للشركات الأمريكية التي تعتمد على التكنولوجيا الصينية لتصنيع مكونات حيوية في صناعة الإلكترونيات.
تم رفع الرسوم من 7.5% إلى 25%. وتعد هذه البطاريات مكونات أساسية في العديد من الصناعات، بما في ذلك صناعة السيارات الكهربائية وأجهزة التكنولوجيا المتقدمة وهذا الارتفاع سيؤثر بشكل كبير على صناعة البناء والبنية التحتية في الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج في العديد من القطاعات الصناعية الأخرى.
في مواجهة التصعيد المستمر بين أكبر اقتصادين في العالم، أعربت منظمة التجارة العالمية عن قلقها البالغ من تداعيات هذه الحرب التجارية على الاستقرار الاقتصادي العالمي. وأكدت المنظمة أنها تتابع التطورات عن كثب، داعية إلى حل النزاع من خلال الحوار والتفاوض بين الولايات المتحدة والصين، وذلك تجنبًا لزيادة تعقيد الوضع في الأسواق العالمية. كما حذرت من أن التصعيد المتواصل قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي بشكل ملموس، مع احتمالية زيادة معدلات التضخم في الدول المتأثرة.
وأضافت المنظمة أن استمرار هذه الحرب التجارية قد يؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، وهو ما قد يضر بالدول النامية التي تعتمد على التجارة الحرة للحصول على السلع الأساسية. كما أكدت منظمة التجارة العالمية أن الوصول إلى تسوية عبر التفاوض هو الخيار الأفضل، وأن الحلول المتعددة الأطراف قد تكون أفضل وسيلة لتجنب تصعيد أكبر يؤثر على الاقتصاد العالمي.
من جانبها، دعت العديد من الدول الأخرى والشركات العالمية إلى تحكيم العقل في هذه الأزمة، منوهة إلى أن استمرار الحرب التجارية قد يضر بمصالح الجميع في نهاية المطاف
يُظهر التصعيد الأخير في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مدى تعقيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتأثيرها الواسع على الاقتصاد العالمي. من المهم متابعة التطورات المستقبلية وفهم تأثير هذه السياسات على التجارة الدولية والاستقرار الاقتصادي.
لا تنسي متابعتنا علي الموقع الخاص بينا arab 4 travel للمزيد من المقالات المتعلقة بالسفر حول العالم
WhatsApp us